لم تكن وحدها ..
لكنها كانت شاردة الذهن ..!
كانت تفكر في كل شيء ..
وتتذكر كل شيء ..
ربما تذكرت أيامها ثانية .. ثانية
تذكرت الإحباطات ، والإنكسارات ، والظلم ..
وربما تذكرت لحظات قليلة من السعادة ..
سعادة مصدرها الوحيد .. أن هناك من يفرح لرؤيتها ..!
كانت قريبة من أخوتها ، وحتى أقاربها حد الإلتصاق ..!!!
ورغم كل ذلك .. لم تكن سعيدة على الدوام
كان من السهل غوايتها ..!
..
وفي صباح .. مختلف
استيقضت مبكراً جداً ...
شعرت أنها المرة الأولى التي ترى فيها وجه الشمس على حقيقته ...
كان جميلاً .. حد الغواية ..!
لم تستطع مقاومة أغواء الشمس لها ..
شعرت للحظات أنها قد تلامسها ..
وأحست برغبة غريبة .. في تقبيل جبين الشمس ..!!!
وحين تمكن الضعف منها ..
قررت الرحيل باتجاه النور ... حيث حبيبتها الجديدة !
لكن الشمس كانت بعيدة .. بعيدة جداً !
لم تعد تقوى على المواصلة ..
وإحباط جديد ... لم تلامس الشمس !
وليس لديها الجرأة .. لمجرد التفكير في العودة ..
بقيت معلقة .. حيث لا وطن ..
وهناك .. وفي مجتمعها الجديد ..
أحست أن الكل يريد التشبث بثيابها .. ربما رأوا فيها بعض ملامح الوطن ..
كانوا كلهم غرباء ... ووطن أغرب..!
لم تعد تستطيع البقاء معلقة .. ربما كانت الغربة " تثقل " كاهلها ..!
وفي لحظة " شجاعة " قررت أن تعود ..
أن ترتمي في أحضان الوطن ..
أن تسقط تحت قدميه ..
.
..
إرتخت ... ومدت يديها كأنها طائر لا يضيع طريق عشة ..
وأغمضت عينيها ..
هي تعلم أن الريح التي حملتها بعيداً .. نحو الشمس ، لم يعد بمقدورها أن تمنعها من العودة ..!
كانت همومها .. والغربة .. وكثير الوجوه التي تحملها معها لتعود بها للوطن قد جعلتها .. أقوى من الريح ..
وأثقل من أن تمنعها .. وثقف في طريق عودتها ..!
كانت عيناها المغمضتان .. سبباً في انهمار سيل الأسئلة .. على كل ذرات ذاكرتها المُتعَبة ..
هل المكان هو المكان كما غادرته ؟؟
هل إزداد وحشة ؟؟
هل شعر أحد بغيابها ؟؟
هل سيبتسم أحد لعودتها ؟؟
كانت الأسئلة كثيرة ، متوحشة أحياناً لا ترحم ضعفها ..!
وفي طريق العودة الطويل ..
كان الإحباط .. والإنكسار يظهر فجأة ويغيب .. وكأنه يذكرها بشيء لم تنسه ..!
رغم الإحباط .. لم تفكر أبداً في العدول عن قرارها ..
لأنها وبكل بساطة لم تعد تملك حق تغيير وجهتها ..
إنها تندفع مرغمة ..
تشعر أن خطاها تتسارع ... .
.
.
.
وفجأة ..
ترطم بعنف ..
أحست أنها النهاية ...
كان سطحاً أملساً وموحشاً ..!
كانت وحدها ..
فتحت عينيها ببطء شديد ..
كان المكان محبطاً ..
وكأنها كانت تنتظر هذا الإحباط .. قررت أن تنتحر .....!!!!
أن تموت ... وتتلاشى
لكنها لم تعد قادرة على الحركة ..
حاولت الزحف نحو الشرفة البعيدة .. ..
وزحفت ببطء شديد ...
تريد أن تلقي بنفسها بعيداً عن هذا المكان الأملس البائس ..!
لم تكن تريد أن تمنحه شرف الموت على أطرافة ..!
زحفت نحو الهاوية ... تكوّرت .. استجمعت أطرافها ..
ثم أطلت برأسها ..
تريد أن تتأكد أن المسافة كافية .. لموتها ..
لم يعد لديها متسع لإحباط جديد ..!
.. وبدأ باقي جسدها المنهك يزحف مقترباً من الهاوية ..
لم تعد تستطيع الآن أن تتراجع ..!!
تدلت .. ممسكة شرفة المكان بيدها الضعيفة ..!
بدأت يدها تترك طرف الشرفة ببطء شديد ...
لم يعد يبقيها معلقة إلا إصبع واحدة ..
ثم انفصلت عن المكان ..
لتسقط ...
وتتطاير أشلاءً في كل مكان ...
لم يكن المكان هو المكان ...
ولم يكن هناك أحد في وداعها ..
ربما ..
لو لم تنتحر ..
لعلمت أنها لم تكن قطرة المطر الوحيدة ...
التي ارتكبت نفس الحماقة ..!